نريد شرق أوسط جديد. تركيا والدول العربية ... لا خلافات بعد اليوم
انتهت سنوات القطيعة وبدأت سنوات التعاون. تركيا والعرب الى
الامام سر. استثمارات بالمليارات وتعاون عسكري عميق. علاقات
سياسية متوافقة وشرق اوسط جديد تماما. قبل اعوام قليلة كانت
تركيا تختلف مع مصر ودول عربية عدة. لكنها اليوم تتفق مع
الجميع. زيارات مكوكية واستثمارات عملاقة. تبريكات
والقاهرة تقترب اكثر. اردوغان غير المعادلة. والعرب دخلوا بلاد
التركي من جديد. تركيا والعرب ماذا تغير بعد القطيعة? وماذا
سيكسب الطرفان من التقارب? هذا التقرير سيجيبك عن الكثير من
الاسئلة. وسيوضح لك كيف تتغير ملامح المنطقة الان? وقبل ذلك لا
تنسى الاشتراك بالقناة وتفعيل زر الجرس.
علاقات متقلبة مع العرب
خبر نزل كالصاعقة على الدول الغربية. التي ترى بتركيا حليفا مهما وقديما لها. عنوانه
انقرة تبحث مع دول خليجية عدة. بيع حقوق تشغيل ميناء ازمير
لمستثمرين من تلك الدول. وذلك في اول الصفقات التي تعقد بين
الادارة التركية الجديدة. وعدد من دول الخليج والتي من المتوقع
ان تدر المليارات على الاقتصاد التركي. قلق او غضب الغرب يأتي
من تسارع عملية التقارب بين تركيا والعرب. وتحول انقرة بشكل
اكبر تجاه الشرق تناقضات الماضي. فلطالما وصفت علاقة تركيا بالدول
العربية بالعلاقة المتقلبة. خصوصا في عهد الرئيس التركي رجب
طيب اردوغان. فقد ارتبطت انقرة بعلاقات قوية للغاية مع بعض
الدول. فيما هاجمت دولا اخرى لكنها في ذات الوقت ابقت على
التعاون الاقتصادي دون توقف. فخلال عشرين عاما بحكم الرئيس
رجب طيب اردوغان اقامت تركيا علاقات اقتصادية متفاوتة مع
الدول تقدمت احيانا مع تطور التصدير التركي وتراجعت احيانا
اخرى تحت تأثير ازمات سياسية خصوصا مع دول مثل مصر. حسب ارقام
معهد الاحصاء التركي. تربع العراق على عرش الدول العربية
المستقبلة للصادرات التركية عام الفين وتسعة عشر باكثر من عشرة
فاصل اثنين مليار دولار. ويظهر الفارق شاسعا بينه وبين الدول
التي تأتي في المركز الثاني وهي الامارات حوالي ثلاثة فاصل ستة
مليار دولار. ثم مصر بثلاثة فاصل خمسة مليار دولار تليها السعودية
بثلاثة فاصل اثنين مليار دولار. وعلى الرغم من كون تلك الارقام
ليست بالقليلة لكنها ارتفعت بعد ذلك العام.
الصحوة التركية
حيث بدأ اردوجان في تغيير سياسته. من خلال اعادة احياء العلاقات مع بعض الدول
العربية في العام الفين وعشرين. ولم تبدأ بوادر الاثر الفعلي
لتغيير هذا التوجه الا لاحقا في عامي الفين وواحد وعشرين والفين
واثنين وعشرين. حيث تغيرت الارقام نحو نمو اكبر ومليارات
اكثر. فمصر التي اختلفت معها تركيا كثيرا منذ رحيل نظام محمد
مرسي لم تنقطع معها العلاقات التجارية في المقابل. حتى انها
ارتفعت في العام الفين واثنين وعشرين لتصل الى سبعة فاصل سبعة
مليار دولار. ما يؤكد عودة وتيرة التعاون بين الطرفين. ياسين
اقطاي مسؤول الشؤون السابق لحزب العدالة والتنمية الحاكم في
تركيا يقول في مقال له يعود للعام الفين وواحد وعشرين وهو
العام الذي انطلقت فيه عملية التقارب. لقد ابتعدنا عن العرب
من اجل بريطانيا وفرنسا ثم الولايات المتحدة الامريكية
وباسم الحضارة الحديثة التي اعتقدنا انهم يمثلونها. لكن هذه
الدول الغربية اعادتنا الى الوراء عبر هذه الاوهام
بالتحديد. ولم نرهم يتشبثون العربية. لم يقولوا فيما بينهم
ان العرب هم مشكلة بالنسبة لهم. بل قاموا بادارة المشاكل بشكل
جيد واقاموا العلاقات واستفادوا من الدول العربية لاقصى حد. يصف
اقطاي كيف كسب الغرب من العرب. فيما انشغلت تركيا بحالة من
العداء والقطيعة معهم. لتجد نفسها في النهاية انهم في خندقواحد معهم.
عودة المياه لمجاريها
عودة تركيا يمكن ان ترسم بدايتها مع انطلاق الحرب
الروسية الاوكرانية في العام الفين واثنين وعشرين. حيث تحول
الاوسط بشكل اكبر تجاه الحياد من الحرب. ومن ضمنهم كانت تركيا
التي اتجهت لترتيب اوراقها بالمنطقة. وفي ذات الوقت كانت
بحاجة مكاسب اقتصادية سريعة. على الجانب الاخر تحتاج الدول
العربية وتحديدا الخليجية الى اسواق واقتصاد قابل للاستثمار
دون مخاطرة وبالتأكيد مع مكاسب سياسية. وكان المكسب لدى الجميع
بعيدا عن الغرب. اردوغان دخوله الانتخابات الرئاسية في مايو
الماضي نجح بدعم خليجي كما ذكرنا في تقرير سابق من تثبيت سعر صرف
الليرة التركية امام الدولار. ودعم الاقتصاد ولو قليلا من خلال
المليارات التي تم ضخها في الخزينة التركية. والتي قدرت
بعشرين مليار دولار. ولكن كانت تلك هي البداية فقط. تلك
المليارات في الحقيقة لولا وجودها لانهارت العملة التركية
على وقع الدعايات المضطربة التركية. التي خلطت بين الدعاية
الانتخابية والضرب بالاقتصاد التركي. ظهر عقب الانتخابات قوة
العلاقة الجديدة بين اردوجان والعرب. حيث كانوا اول المهنئين
له خصوصا دول الخليج كما قام رئيس دولة الامارات الشيخ محمد
بن زايد باول زيارة رسمية كرئيس دولة لتركيا بعد فوز اردوغان. ثم
بدأت الاستثمارات العلنية حيث اعلنت السعودية عن استثمار خمسين
مليار دولار في في السنوات الخمس القادمة. وعلى ذات الترتيب اعلنت
الامارات استثمار اربعين مليار دولار. كما اكدت قطر نيتها البدء
باستثمارات جديدة قد تصل لمئة مليار دولار في تركيا قريبا.
وتقول التقارير ان زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد تتم
قريبا لتركيا. كما سيجري اردوغان جولة زيارات رسمية لكل من
الامارات والسعودية وقطر قريبا.
مكاسب تركيا والدول العربية؟
وهنا قد تتسائل ماذا يكسبالطرفان? اذا ما الى قطاع الصناعات الدفاعية العسكرية
التركية فسنجد ان دول الخليج ومنذ سنوات هم ابرز المشترين من
الاسواق التركية. خصوصا في مجال الطائرات المسيرة. وبطبيعة الحال
ذلك المجال سيتم تعميق التعاون فيه. وقد تتجه انقرة لافتتاح
مصانع في بعض الدول العربية لانتاج اسلحتها. ومن ناحية
اقتصادية اخرى تريد انقرة تبادل الخبرات بينها وبين الدول
الرائدة اقتصاديا في المنطقة. وعلى رأسها التي ينظر لها من قبل
تركيا على انها من الدول النفطية التي نجحت بجذب مصادر دخل اضافية
بعيدا عن الطاقة. وهو ما تحتاجه تماما تركيا. ومن جانب اخر ترى
دول الخليج ومعهم. تركيا ايضا ان التطور الذي وصلت اليه تركيا
يعاني من مشاكل كبيرة في التمويل. وهي مشكلة يمكن للدول
الخليجية حلها مقابل مشاركتها ذلك التطور. وفي ذات الوقت
الاستثمار كبيرة في المكان الصحيح. العلاقة الاقتصادية يمكن
وصفها بالصحية للطرفين. حتى لدول تعاني اقتصاديا مثل مصر وغيرها.
كما انها يمكن ان توفر الغطاء اللازم للمنطقة. حتى لا تغوص في
عوائق الحرب الاوكرانية. فيما تبقى انظار الغرب موجهة نحو
الشرق الاوسط. الذي يتجه للهدوء اكثر من الغرب المشتعل القلق.
وفي ذات الوقت يتحول سريعا لمركز صناعي واقتصادي هم في العالم.
يضاف لذلك دوره المحوري في سوق الطاقة العالمية. ولعل غضب الغرب
ظهر جليا في مهاجمة اردوغان في الانتخابات الرئاسية علانية ثم
التراجع عنها بعد اقترابه من الفوز. شرق اوسط جديد يتكون
الان. تجمع فيه خبرات وتجارب سنين طوال مع تمويل ضخم فهل نشهد
اوروبا جديدة غير تلك العجوز التي نعرفها? تم
عدد الكلمات: 1049
عدد الأحرف: 6072